لا يزال المعمر الفلسطيني محمد دريدي من سكان بلدة بيت ليد شرق مدينة طولكرم يمتلك ذاكرة قوية غير مشوشه ومفعمة بالذكريات الجميلة والحزينة والتي تذكره بالحنين لأيام خلت لا يمكن نسيانها مهما توالت الأحداث وتعاقبت.
ورغم السنوات الطويلة التي مرت على المعمر محمد الدريدي إلا أن الأحداث التاريخية لا يستطيع نسيانها ويسردها بالتفاصيل التي عاصرها فلا يكل ولا يمل في الحديث عن الإمبراطورية العثمانية ومواكبته للحربين العالميتين الأولى والثانية ومعايشته للانتداب البريطاني مروراً بنكبة فلسطين حتى أنه لا يفوته الحديث عن الانتفاضة الفلسطينية وأحداث غزة الأخيرة والعدوان الإسرائيلي المتواصل و التي تركت لديه انطباعات وحزن دفين .
وتتطلع عائلة المعمر محمد دريدي إلى دخوله لموسوعة جينيس للأرقام القياسية باعتباره أكبر معمر فهو من مواليد 1887 وله من الأولاد والأحفاد 120 شخص فيما لا يزال يمارس حياته بشكل طبيعي وعادي دون أن يشتكي من أوجاعا وآلاما بسبب الكبر في العمر.
وحول طقوسية اليومية التي اعتاد علي ممارستها بشكل يومي يقول المعمر لمراسلتنا همسه التايه "إنه يواظب بشكل دائم على أداء صلاة الفجر حاضراً ولضمان صحة جيده خالية من الأمراض لا يفوته على الإطلاق أخذ جرعات من زيت الزيتون وتناول إفطاره بالقليل من الزعتر".
وفي ساحة منزله المعتق في الحي القديم في قرية بيت ليد والتي تعود عمارتها إلى مئات السنين يجلس المعمر الدريدي متأملا ومستذكرا ما مر به من أحزان وأفراح وذكريات مهما كانت لذتها ومرارتها متمنيا أن يعود له الشباب ذات يوم ليعيش ما مضى مره أخرى بشيء من التفاؤل.
ويقضى المعمر الفلسطيني غالبية وقته داخل منزله فيما تشرف على العناية به ابنته صبحية" 58 " عاماً و التي تلبي له جميع احتياجاته وتسهر على راحته ورغم كبر سنه إلا أنه يواظب على قيام جميع الصلوات داخل المسجد الذي يبعد عن منزله حوالي 250 مترا .
ومن عاداته التي لا يمكن تغيرها أنه ينام مبكرة بعد أداء صلاة العشاء من باب قول الأجداد لنا " نام بكير واصحى بكير وشوف الصحة كيف بتصير حيث اعتاد أحفاده وأقاربه على زيارته في ساعات قبل العصر.
ولا يرغب المعمر الفلسطيني محمد الدريدي بالزواج مرة أخرى وكأنه يتمنى لو يعود الشباب ليخبره بما فعل المشيب بعد أن رد بالقول " راحت علي " .
من الجدير ذكره أن الدريدي عمل منذ نعومة أظفاره في حقل الزراعة وتربية المواشي ورغم السنوات الطويلة إلا أنه يحمل شوقاً بلا حدود لذكرياته مع زيتونه وارض جرفتها أيدي غادرة.