حرروها بالمسيرات…يا حسرتي عليك يا غزة !
في كل يوم ترتشف غزة مزيداً من القنابل..وتنسج عزتها بصمت.. والعرب يتجرعون ذلهم
حملت حقيبتي وكاميرا الديجيتال خاصتي وخرجت باكراً قاصداً عملي في مدينة رام الله، أقلتني الحافلة
إلى الموقف الأخير على دوّار المنارة وسط المدينة، نزلت وكل حساباتي تشير أن هذا اليوم هو يوم
حداد وإضراب، وأن الكل سيغلق المحال التجارية تضامنا مع غزة ، وإكراما لشهداء نعلين وسلواد
الذين اسشهدوا أثناء انتفاضهم تضامنا مع غزة.
سارت أمور ذلك اليوم عادية تماما حتى الساعة الحادية عشرة صباحاً حين جاء موكب الشهداء،
فقامت المحلات التجارية في الشارع الذي يمر به الموكب بغلقٍ جزئيٍ للأبواب ومن ثم فتحت تلك
الأبواب بعد مروره، حتى الموكب لم يكن كما هو عهدنا بمواكب الشهداء في مدينة رام الله حين تودع
شهداءها، فالعدد قليل، والهتاف خافت.
يا ويلتاه.. أألد وأن عجوز!!!!
يبدوا أن الثورة قد هرمت.. ما عادت تنجب الثوار.. ماذا أصاب الشارع الفلسطيني بل والعربي، ألهذا
الحد فعل الإنقسام الداخلي، أم أنه بات شمّاعة نعلق عليه عجزنا كما هو الإحتلال. رغم أنني لم
أسمع يوما بشعب محتل هزم المحتل بمسيرة، أو طرده بمظاهرة خجولة، ولإن جابت تلك المظاهرات
عواصم العالم ومدنه، رغم ذلك فحتى المسيرات التي خرجت في المدن الفلسطينية مجتمعة لم تصل
إلى مستوى مسيرة خرجت في أحد مدن اليابان أو كندا، لم تصل مظاهراتنا الإحتجاجية نحن في
فلسطين إلى مستوى الجريمة الدائر رحاها في غزة، وعذرا جيفارا البديري فتقاريرك المتواصلة من
قلب رام الله لم يسمح منتجها بنشر الصورة كاملة، بل حرص على التركيز في لقطاته على قلب
المسيرة القزم التي خرجت،ربما رغبة منه في عدم إظهار تلك الصورة المخجلة التي ظهرت بها رام
الله.
هل فهم أهل رام الله اللعبة، عرفوا أن المسيرات ما عادت تجدي نفعا أمام الـ ( إف 16) ، أو لعله
برد الشتاء الذي يداعب أطفال غزة ويخفف عليهم جزءاً من لهيب الطائرات والقنابل أقعدهم.
هجرة.. ميلاد.. هلال.. وصليب.. وغزة تنسج وشاح العزة !!
من أشلاء أطفالها ها هي غزة تنسج وشاح العزة لتهديه للعالم في رأس السنة ، علّه يداري به
عجزة وتخاذله، فقد هاجرت الفرحة أرض غزة،ولكنها ستعود حتما.. وها هو النصر يبدأ بالميلاد..
أجراس الكنائس تقرع حزنا على غزة، أنوار الميلاد أطفأت لأجل غزة، وترك ليل غزة لحمم الطائرات
ولهيب القنابل تنزل مع المطر على أشلاء الأطفال في غزة تحت أنظار العروبة.
تولد الأزهار مع كل صباح في غزة.. تنشر بذور الحرية وتسقيها من دماء أطفالها وشيوخها ونسائها
ورجالها، تبقى غزة وحدها في المواجهة، تدافع عن كرامة الأمة، تدفع فاتورة العزة من أشلاء
أطفالها، وحدها في الميدان .. ووحدها بالعزة تحيى.
عذرا غزة.. فأنا لم يكن في نيتي أن أكتب شيء، فلم تستثيرني مسيرات رام الله ولا الضفة إن جاز
تسميتها بالمسيرات، ولكن صمودك وإصرارك على المواجهة أجبرني، فهذا ما استطعت